كتبهاهمت لاشين ، في 30 مارس 2011 الساعة: 18:19 م
مرايـا
الوهن
بعد
غياب طويل عن حضور المسرحيات، وصلتني دعوة رقيقة لحضور مسرحية شعرية عنوانها (مرايا
الوهن) للأديب الشاعر محمود الديداموني .. مسرحية داعبت مشاعري
وفضولي وقررت ان أشاهد العرض وأبحر بخيالي وأغوص في أعماق عمل يتغنى بشريان
مصر العظيم
وفي
مساء ذلك اليوم الذي قررت فيه التحليق في سماء أحداث المسرحية .. بدأت كعادتي أستعد
بطقوسي الخاصة للابحار .. طقوس بسيطة تحفز من نضارة قلبي الخمسيني المرهف الحس
والموجوع بحب الوطن .. صففت شعري .. تزينت بأجمل ثيابي .. تحليت بأغلى جواهري ..
وتعطرت برائحة اللوتس الجميلة وبدأت أهيم بروحي إستعداداً للسفر إلى صالة العرض
ولقاء الأبطال والأضواء والتصفيق
وصلت
إلى المسرح .. وقفت لثواني أمام الباب أتأمل في إعلانات المسرحية وأتوه مع أسماء
ورموز أبطالها .. لحظات قليلة واستيقظت على يد حنونة تدق على كتفي وعندما إلتفت
وجدت وجها لطيفاً مبتسماً يعانقني بنظراته ويصافحني بود، ويقبل يدي
تريحيبا بقدومي .. يد حانية تسحبني كالطفلة من يدي وتزرعني بعنفوان على مقعد في
الصفوف الاولى لمشاهدة العرض الخاص .. ويودعني بابتسامة اخرى حانية ..
غامضة
أجلس
بهدوء أغازل الأضواء الخافتة .. وترمش عيني من انعكاسات المرايات .. وأعانق سحابات
الدخان الملونة بألوان الطيف الجميلة التي تصدر من خلف الكواليس .. جو سحرني وجعلني
أحلق فوق سماء زمن شهرزاد المفقود وحكاياتها المشوقة .. أتأمل الهدوء والجمال من
حولي وأتنهد تنهيداتي اللاارادية التي تهيم عشقاً بكل جمال والقي نظرة يميناً واخرى
يساراً .. وتتشابك أصابع يدي اليمنى مع اليسرى، وأخفي رعشة في قلبي، وأبتسم وأنتظر
بشوق وشغف رفع الستار
وفي
العاشرة والنصف مساء وعلى أنغام موسيقى هادئة حالمة، تُطفأ الأنوار ويُرفع الستار
الأحمر المخملي و يبدأ عرض (مرايا الوهن)
يبدأ العرض بشياكة عالية، وأصفق بحرارة
ترحيباً بظهور الأبطال، ويردون التحية بابتسامة وإنحناء وتواضع ..
يبدأ الفصل الأول من المسرحية بمفردات
شعرية رائعة تحلق بنا في سماء بعيدة ما بين الذاكرة والحلم .. استمتع باداء مبهر
للأبطال وهم يتحركون برشاقة عالية على خشبة المسرح وينتقلون بسلاسة من حوار إلى آخر
على نغمات صوت مياه النيل الدافئة وهي تغازل جميلة الجميلات مصر في ليلة صيف ساحرة
.. ويقشعر بدني وأنا أرى مصر تدندن طرباً على عزف العود الشرقي وتتمايل
دلالاً وتدوب عشقا في عطاء النيل المتدفق .. وأصمت .. لا أتكلم .. ولا أدري ما معنى
هذا الاحساس المتدفق في شرياني .. في أوردتي .. وترقص اذني من سماع الأشعار
والكلمات الساحرة .. وتصفق يدي بحرارة .. ويهمس صوتي بكلمة الله .. الله
وتتعاقب الأحداث .. وتتوالى الحوارات .. وتتوارى بعض الشخصيات بتناغم جميل
وساحر .. وأحلق مع الأبطال على جناح الرهبة والرغبة في سماء إبداعهم في الفصل
الثاني والثالث ..
وأفيق
على صوت يقبض قلبي ويعكر صفوي .. صوت ذلك الشبح "مسرور" بلحيته البيضاء وقبعته
السوداء الصغيرة .. انظر اليه بطرف عيني وأكتم غيظي وأرتل قرأني وأصفعه بكلماتي
وأردد "لم ولن أخافك يا مسرور .. ولن تغتال صفائي .. ولا جمالي ولا شريان حياتي" ..
وأنظر للبطل النبيل من بعيد وفؤادي يدق على دقات فؤاده، وألتمس منه نظرة دفء
تحتويني من هذا الشبح القادم، ويشعر بانفعالي فيقترب مني وينظر إلى ويقول:
من صاحبة الوجه الشاحب
تلك؟!
من أسكنها في
مرآتي؟!
أشعر
بالرغبة
في معرفة السر
الكامن
خلف الوجد
بعينيها
أقف
واصفق للكلمات وللنظرات، وللهمسات .. وأترك مسرور ينبح بعيداً بسيفه وخبثه، وأندمج
أنا مع الأبطال في الفصل الرابع .. وابتسم للمرايات الكثيرة التي داعبت عيني ..
وزغللت قلبي .. وعكست ملامح وجهي بكل انفعالاته .. مرايات كشفت
مستور أحاسيسي، وفضحت حالة الإنكسار الداخلي الذي عشش في قلبي سنوات غربتي الطويلة
.. مرايات كسرت صمتي .. وتمنيت لو أمسكت بها وحطمتها وأفرغت شحنة حزني وغضبي من
الوهن والخوف الساكن بداخلي .. وأنزعجُ قليلاً من مطاردة تلك المرايات واناشد عدلاً
يخلعني من صراع الماض العريق والحاضر العقيم والمستقبل البديع
أتنفس الصعداء بعد ذلك الصراع ..
ويتعافى قلبي .. وأعانق حلمي .. وينام الراعي .. ويتلاشى مسرور .. وتختفي المرايات
.. وينكسر الوهن .. ويسدل الستار وأقف احتراماً للعمل وأصفق للمؤلف الذي أبهرني
برموزه وأحلامه وتنبؤاته …….
مايو 28th, 2012 at 4:49 ص
مايو 29th, 2012 at 1:17 ص
مايو 29th, 2012 at 12:27 م
مايو 29th, 2012 at 2:42 م
مايو 29th, 2012 at 2:43 م
مايو 29th, 2012 at 3:53 م
مايو 29th, 2012 at 3:57 م
تحياتي
مايو 29th, 2012 at 3:59 م
مايو 30th, 2012 at 3:11 ص
مايو 30th, 2012 at 2:52 م
**************************************
الاخت الغالية عاشقة الصين
أوجزتى بشقاوة فخرجت كلماتك رائعة
ولما لا فأنتم للروائع خلقتم
تحياتى
مايو 31st, 2012 at 3:25 ص